بحـث
بحـث
المواضيع الأخيرة
المواضيع الأخيرة
باب حقيقة الملائكة وصفاتهم وشؤونهم وأطوارهم
صفحة 1 من اصل 1
باب حقيقة الملائكة وصفاتهم وشؤونهم وأطوارهم
كتاب السماء والعالم
باب حقيقة الملائكة وصفاتهم وشؤونهم وأطوارهم
قال رسول الله (ص) : حدّثني جبرائيل أنّ الله عزّ وجل أهبط إلى الأرض ملَكاً ، فأقبل ذلك الملَك يمشي ، حتى وقع إلى بابٍ عليه رجلٌ يستأذن على ربّ الدار ، فقال له الملَك :
ما حاجتك إلى ربّ هذه الدار ؟.. قال : أخٌ لي مسلمٌ ، زرته في الله تبارك وتعالى ، قال له الملَك : ما جاء بك إلا ذاك ؟.. فقال :
ما جاء بي إلا ذاك ، قال : فإني رسول الله إليك ، وهو يقرئك السلام ويقول : وجبت لك الجنة ، وقال الملَك : إنّ الله عزّ وجلّ يقول : أيما مسلمٍ زار مسلماً ، فليس إياه زار ، إياي زار ، وثوابه عليَّ الجنّة .
قال الصادق (ع) : من زار أخاه في الله ، في مرضٍ أو صحةٍ ، لا يأتيه خداعاً ولا استبدالاً ، وكل الله به سبعين ألف ملك ، ينادون في قفاه : أن طبتَ وطابت لك الجنة ، فأنتم زوّار الله ، وأنتم وفد الرحمن ، حتى يأتي منزله .. فقال له يسير : جعلت فداك !.. فإن كان المكان بعيداً ؟.. قال : نعم ، يا يسير !.. وإن كان المكان مسيرَ سنةٍ ، فإنّ الله جوادٌ والملائكة كثيرٌ ، يشيّعونه حتى يرجع إلى منزله
قال الباقر (ع) : إنّ المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره ، فيوكل الله عزّ وجلّ به ملَكاً ، فيضع جناحاً في الأرض وجناحاً في السماء يطلبه ، فإذا دخل على منزله نادى الجبار تبارك وتعالى :
أيها العبد المعظّم لحقي ، المتبع لآثار نبيي !.. حقَّ عليّ إعظامك ، سلني أُعطك !.. ادعني أجبك !.. اسكت أبتدئك !.. فإذا انصرف شيّعه الملَك ، يظلّه بجناحه حتى يدخل إلى منزله ، ثم يناديه تبارك وتعالى :
أيها العبد المعظّم لحقي !.. حقَّ عليَّ إكرامك ، قد أوجبتُ لك جنتي ، وشفّعتك في عبادي .
قال الباقر (ع) : كان فيما ناجى الله عزّ وجلّ به موسى (ع) ، قال :
يا موسى !.. أكرم السائل ببذلٍ يسيرٍ أو بردٍّ جميلٍ ، إنه يأتيك من ليس بإنسٍ ولا جان ، ملائكةٌ من ملائكة الرحمن ، يبلونك فيما خوّلتك ، ويسألونك فيما نوّلتك ، فانظر كيف أنت صانعٌ يا بن عمران !..
قال الصادق (ع) : من صام لله عزّ وجلّ يوماً في شدّة الحرّ فأصابه ظمأٌ ، وكل الله به ألف ملَكٍ ، يمسحون وجهه ويبشّرونه .
قال الصادق (ع) : ليس خلق أكثر من الملائكة ، إنه لينزل كلّ ليلةٍ من السماء سبعون ألف ملَك ، فيطوفون بالبيت الحرام ليلتهم ، وكذلك في كل يوم .
قال النبي (ص) : لقي ملَكٌ رجلاً على باب دارٍ كان ربها غائباً ، فقال له الملَك :
يا عبدالله !.. ما جاء بك إلى هذه الدار ؟.. فقال : أخٌ لي أردت زيارته ، قال : ألرحمٍ ماسّةٍ بينك وبينه ؟.. أم نزعتك إليه حاجةٌ ؟.. قال :
ما بيننا رحمٌ أقرب من رحم الإسلام ، وما نزعتني إليه حاجةٌ ، ولكني زرته في الله ربّ العالمين .. قال فأبشر فإني رسول الله إليك ، وهو يقرئك السلام ، ويقول لك : إياي قصدتَ ، وما عندي أردتَ بصنعك ، فقد أو جبتُ لك الجنة ، وعافيتك من غضبي ومن النار حيث أتيته .
قال الباقر (ع) : لما قُبض رسول الله (ص) ، بات آل محمدٍ بليلةٍ أطول ليلة ظنوا أنهم لا سماءَ تظلّهم ولا أرضَ تقلّهم مخافةً ، لأنّ رسول الله (ص) وتر الأقربين والأبعدين في الله ، فبينما هم كذلك إذ أتاهم آتٍ لا يرونه ويسمعون كلامه .
فقال : السلام عليكم يا أهل البيت !.. ورحمة الله وبركاته ، في الله عزاءٌ من كلّ مصيبةٍ ، ونجاةٌ من كلّ هلكةٍ ، ودركٌ لما فات ، إن الله اختاركم وفضّلكم وطهّركم ، وجعلكم أهل بيت نبيه (ص) ، واستودعكم علمه ، وأورثكم كتابه ، وجعلكم تابوت علمه ، وعصا عزّه ، وضرب لكم مثلاً من نوره ، وعصمكم من الزلل ، وآمنكم من الفتن ، فتعزّوا بعزاء الله ، فإنّ الله لم ينزع منكم رحمته ، ولم يُدل ( أي يجعل الكرة لهم عليكم ) منكم عدوه .
فأنتم أهل الله الذين بكم تمت النعمة ، واجتمعت الفرقة ، وائتلفت الكلمة ، وأنتم أولياء الله ، من تولاكم نجا ، ومن ظلمكم يزهق ، مودتكم من الله في كتابه واجبةٌ على عباده المؤمنين ، والله على نصركم إذا يشاء قدير ، فاصبروا لعواقب الأمور ، فإنها إلى الله تصير ، فقد قبلكم الله من نبيه (ص) وديعة ، واستودعكم أولياءه المؤمنين في الأرض ، فمن أدّى أمانته آتاه الله صدقه .
فأنتم الأمانة المستودعة ، والمودة الواجبة ، ولكم الطاعة المفترضة ، وبكم تمت النعمة ، وقد قبض الله نبيه (ص) ، وقد أكمل الله به الدين ، وبيّن لكم سبيل المخرج ، فلم يترك للجاهل حجّةً ، فمن تجاهل أو جهل ، أو أنكر أو نسي أو تناسى فعلى الله حسابه ، والله من وراء حوائجكم ، فاستعينوا بالله على من ظلمكم ، واسألوا الله حوائجكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فسأله يحيى بن أبي القاسم فقال : جعلت فداك !.. ممن أتتهم التعزية ؟.. فقال : من الله عزّ وجلّ .
قال الصادق (ع) : يا أبا محمد !.. إنّ لله - عزّ ذكره - ملائكةً يُسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا ، كما تُسقط الريح الورق من الشجر في أوان سقوطه وذلك قوله عزّ وجلّ :
{ يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا } ، والله ما أراد بهذا غيركم .
قال رسول الله (ص) : إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطّت السماء ، وحقّ لها أن تئطّ ، ما فيها موضع أربع أصابعٍ ، إلا وملَكٌ واضعٌ جبهته لله ساجداً ، والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله .. لوددت أني كنت شجرة تعضد .
بيــان: أطّت السماء " قال في النهاية : الأطيط صوت الأقتاب ، وأطيط الإبل أصواتها وحنينها ، أي إنّ كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطّت .. وهذا مثَلٌ وإيذانٌ بكثرة الملائكة ، وإن لم يكن ثَمّ أطيط ، وإنما هو كلام تقريبٍ أُريد منه تقرير عظمة الله .
وقال : الصعدات : الطرق ، جمع صُعُد ، وصعد جمع صعيد ، كطريق وطرق وطرقات ، وقيل : هي جمع " صعدة " كظلمة ، وهي فناء باب الدار وممر الناس بين الأندية .
وقال الطيبي في شرح هذا الحديث : أي فخرجتم إلى الطرقات والصحارى وممر الناس ، كفعل المحزون الذي يضيق به المنزل ، فيطلب الفضاء لبثّ الشكوى ، وقال في قوله :" لوددت أني شجرة تعضد " : هو بكلام أبي ذر أشبه ، والنبي (ص) أعلم بالله من أن يتمنى عليه حالاً أوضع عما هو فيه .
وأقول : هو إظهار الخوف منه تعالى ، وهو لا ينافي القرب منه سبحانه ، بل يؤكده { إنما يخشى الله من عباده العلماء } .
قال النبي (ص) : نقّوا أفواهكم بالخلال ، فإنها مسكن الملَكين الحافظين الكاتبين ، وإنّ مدادهما الريق ، وقلمهما اللسان ، وليس شيءٌ أشدّ عليهما من فضل الطعام في الفم
*
بيــان: واعلم أن الله ذكر في القرآن أصنافهم وأوصافهم وأما الأصناف :
فأحدها : حملة العرش { ويحمل عرش ربك } .
وثانيها : الحافون حول العرش { وترى الملائكة حافين } .
وثالثها : أكابر الملائكة ، فمنهم جبرائيل وميكائيل لقوله { جبرئيل وميكال } ، ثم إنه وصف جبرئيل بأمور :
الأول : أنه صاحب الوحي إلى الأنبياء { نزل به الروح الأمين }. والثاني : أنه قدّمه على ميكائيل .
والثالث : جعله ثاني نفسه { فإن الله هو موليه وجبرئيل } . الرابع : سماه روح القدس .
الخامس : ينصر أولياءه ، ويقهر أعداءه ، مع آلافٍ من الملائكة مسوّمين .
السادس : أنه مدحه بصفات ستة { إنه لقول رسول كريم } - إلى قوله - { أمين } .
ومنهم إسرافيل صاحب الصور ، وعزرائيل قابض الأرواح ، وله أعوانٌ عليه .
ورابعها : ملائكة الجنة { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } . وخامسها : ملائكة النار { عليها تسعة عشر } ، وقوله : { وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة } ، ورئيسهم مالك { يا مالك ليقض علينا ربك } ، وأسماء جملتهم الزبانية { سندع الزبانية } .
وسادسها : الموكلون ببني آدم ، لقوله تعالى : { عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } ، وقوله تعالى : { له معقبات } ، وقوله { ويرسل عليكم حفظة } .
وثامنها : الموكلون بأحوال هذا العالم { والصافات صفا } ، وقوله { والمدبرات أمرا } .
وعن ابن عباس قال : إنّ لله ملائكةً - سوى الحفظة - يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصاب أحدكم عجزة بأرض فلاة فليناد : أعينوا عباد الله رحمكم الله .
وأما أوصاف الملائكة فمن وجوه :
أحدها : أنهم رسل الله { جاعل الملائكة رسلا } ، وقوله : { الله يصطفي من الملائكة رسلا } .
وثانيها : قربهم من الله بالشرف ، وهو المراد من قوله سبحانه : { ومن عنده لا يستكبرون } ، وقوله : { بل عباد مكرمون } .
وثالثها : وصف طاعاتهم ، وذلك من وجوه :
الأول : قوله تعالى حكاية عنهم : { ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } ، وقولهم { وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون } ، والله تعالى ما كذبهم في ذلك .
الثاني : مبادرتهم إلى امتثال أمر الله ، وهو قوله : { فسجد الملائكة كلهم أجمعون } .
الثالث : أنهم لا يفعلون إلا بوحيه وأمره وهو قوله تعالى : { لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون } .
ورابعها : وصف قدرتهم وذلك بوجوه :
الأول : أنّ حملة العرش - وهم ثمانية - يحملون العرش والكرسي الذي هو أصغر من العرش ، أعظم من حملة السماوات السبع ، لقوله تعالى : { وسع كرسيه السماوات والأرض } ..
والثاني : أنّ علو العرش شيءٌ لا يحيط به الوهم ، ويدلّ عليه قوله تعالى : {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} ، ثم إنهم لشدة قدرتهم ينزلون منه في لحظةٍ واحدةٍ.
الثالث : قوله تعالى : { ونفخ في الصور } ، فصاحب الصور بلغ في القوة إلى حيث أنّ بنفخة واحدة منه ، يصعق من في السماوات والأرض ، وبالثانية منه يعودون أحياءً ..
الرابع : أنّ جبرئيل بلغ من قوته أن قلع جبال آل لوط ، وبلادهم دفعةً واحدةً .
وخامسها : وصف خوفهم ويدل عليه بوجوه :
الأول : أنهم مع كثرة عبادتهم ، وعدم إقدامهم على الزلاّت يكونون خائفين وجلين ، حتى كأن عباداتهم معاصي ، قال تعالى : { يخافون ربهم من فوقهم } ، وقال : { وهم من خشيته مشفقون } ..
الثاني : قوله تعالى : { حتى إذا فزع عن قلوبهم } ، روي في التفسير : أنّ الله تعالى إذا تكلّم بالوحي ، سمعه أهل السماوات مثل صوت السلسلة على الصفوان ، ففزعوا ، فإذا انقضى الوحي ، قال بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم ؟.. قالوا : الحق وهو العلي الكبير ..
الثالث : روى البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : بينما رسول الله (ص) بناحية ومعه جبرئيل (ع) ، إذا انشقّ أفق السماء ، فأقبل جبرئيل يتضاءل ويدخل بعضه في بعض ، إلى آخر ما سيأتي برواية السيوطي في الباب الآتي .
وكان من دعاء السجاد (ع) في الصلاة على حملة العرش وكل ملَكٍ مقرّب :
اللهم !.. وحملة عرشك الذين لا يفترون من تسبيحك ، ولا يسأمون من تقديسك ، ولا يستحسرون عن عبادتك ، ولا يؤثرون التقصير على الجدّ في أمرك ، ولا يغفلون عن الوله إليك ، وإسرافيل صاحب الصور الشاخص ، الذي ينتظر منك الإذن ، وحلول الأمر ، فينبّه بالنفخة صرعى رهائن القبور ، وميكائيل ذو الجاه عندك ، والمكان الرفيع من طاعتك ، وجبريل الأمين على وحيك ، المُطاع في أهل سماواتك ، المكين لديك ، المُقرّب عندك ، والروح الذي هو على ملائكة الحُجب ، والروح الذي هو من أمرك .
اللهم !.. فصلِّ عليهم وعلى الملائكة الذين من دونهم ، من سكّان سماواتك ، وأهل الأمانة على رسالاتك ، والذين لا يدخلهم سأمةٌ من دؤوب ، ولا إعياءٌ من لغوب ولا فتورٌ ، ولا تشغلهم عن تسبيحك الشهوات ، ولا يقطعهم عن تعظيمك سهو الغفلات ، الخشّع الأبصار ، فلا يرومون النظر إليك ، النواكس الأعناق ، الذين قد طالت رغبتهم فيما لديك ، المستهترون بذكر آلائك ، والمتواضعون دون عظمتك وجلال كبريائك ، والذين يقولون إذا نظروا إلى جهنم تزفر على أهل معصيتك : سبحانك !.. ما عبدناك حقّ عبادتك .
فصلّ عليهم وعلى الروحانيين من ملائكتك ، وأهل الزلفة عندك ، وحملة الغيب إلى رسلك ، والمؤتمنين على وحيك ، وقبائل الملائكة الذين اختصصتهم لنفسك ، وأغنيتهم عن الطعام والشراب بتقديسك ، وأسكنتهم بطون أطباق سماواتك .... الخبر .
المصدر: الصحيفة السجادية
قال الصادق (ع) : إنّ الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعواناً من الملائكة يقبضون الأرواح ، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوانٌ من الإنس ، يبعثهم في حوائجه ، فتتوفاهم الملائكة ، ويتوفاهم ملك الموت عن الملائكة ، مع ما يقبض هو ، ويتوفاهم الله عزّ وجلّ عن ملك الموت .
عن أصبغ بن نباتة ، قال : إنّ سلمان - رضي الله عنه - قال لي : اذهب بي إلى المقبرة ، فإنّ رسول الله (ص) قال لي :
يا سلمان !.. سيكلّمك ميّتٌ إذا دنت وفاتك .. فلما ذهبتُ به إليها ونادى الموتى ، أجابه واحدٌ منهم ، فسأله سلمان عما رأى من الموت وما بعده ، فأجابه بقصصٍ طويلةٍ ، وأهوالٍ جليلةٍ وردتْ عليه - إلى أن قال - :
لما ودّعني أهلي وأرادوا الانصراف من قبري ، أخذتُ في الندم فقلت :
يا ليتني كنت من الراجعين !.. فأجابني مجيبٌ من جانب القبر : كلا !.. إنها كلمةٌ هو قائلها ومن ورائهم برزخٌ إلى يوم يبعثون .
فقلت له : من أنت ؟.. قال : أنا منبّهٌ ، أنا ملَكٌ وكّلني الله عزّ وجلّ بجميع خلقه ، لأنبههم بعد مماتهم ، ليكتبوا أعمالهم على أنفسهم ، بين يدي الله عزّ وجلّ ، ثم إنه جذبني وأجلسني وقال لي : اكتب عملك !.. فقلت : إني لا أُحصيه ، فقال لي : أما سمعت قول ربك :
{ أحصاه الله ونسوه } ، ثم قال لي : اكتب وأنا أُملي عليك ، فقلت :
أين البياض ؟.. فجذب جانباً من كفني ، فإذا هو ورقٌ ، فقال :
هذه صحيفتك ، فقلت : من أين القلم ؟.. فقال : سبابتك ، قلت :
من أين المداد ؟.. قال : ريقك ، ثم أملى عليّ ما فعلته في دار الدنيا ، فلم يبق من أعمالي صغيرة ولا كبيرة إلا أملاها ، كما قال تعالى :
{ ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا } .
ثم إنه أخذ الكتاب وختمه بخاتم وطوّقه في عنقي ، فخيّل لي أنّ جبال الدنيا جميعاً قد طوّقوها في عنقي ، فقلت له : يا منبّه !.. ولِمَ تفعل بي كذا ؟.. قال : ألم تسمع قول ربك :
{ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } فهذا تُخاطب به يوم القيامة ، ويُؤتى بك وكتابك بين عينيك منشوراً ، تشهد فيه على نفسك .. ثم انصرف عني
باب حقيقة الملائكة وصفاتهم وشؤونهم وأطوارهم
قال رسول الله (ص) : حدّثني جبرائيل أنّ الله عزّ وجل أهبط إلى الأرض ملَكاً ، فأقبل ذلك الملَك يمشي ، حتى وقع إلى بابٍ عليه رجلٌ يستأذن على ربّ الدار ، فقال له الملَك :
ما حاجتك إلى ربّ هذه الدار ؟.. قال : أخٌ لي مسلمٌ ، زرته في الله تبارك وتعالى ، قال له الملَك : ما جاء بك إلا ذاك ؟.. فقال :
ما جاء بي إلا ذاك ، قال : فإني رسول الله إليك ، وهو يقرئك السلام ويقول : وجبت لك الجنة ، وقال الملَك : إنّ الله عزّ وجلّ يقول : أيما مسلمٍ زار مسلماً ، فليس إياه زار ، إياي زار ، وثوابه عليَّ الجنّة .
قال الصادق (ع) : من زار أخاه في الله ، في مرضٍ أو صحةٍ ، لا يأتيه خداعاً ولا استبدالاً ، وكل الله به سبعين ألف ملك ، ينادون في قفاه : أن طبتَ وطابت لك الجنة ، فأنتم زوّار الله ، وأنتم وفد الرحمن ، حتى يأتي منزله .. فقال له يسير : جعلت فداك !.. فإن كان المكان بعيداً ؟.. قال : نعم ، يا يسير !.. وإن كان المكان مسيرَ سنةٍ ، فإنّ الله جوادٌ والملائكة كثيرٌ ، يشيّعونه حتى يرجع إلى منزله
قال الباقر (ع) : إنّ المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره ، فيوكل الله عزّ وجلّ به ملَكاً ، فيضع جناحاً في الأرض وجناحاً في السماء يطلبه ، فإذا دخل على منزله نادى الجبار تبارك وتعالى :
أيها العبد المعظّم لحقي ، المتبع لآثار نبيي !.. حقَّ عليّ إعظامك ، سلني أُعطك !.. ادعني أجبك !.. اسكت أبتدئك !.. فإذا انصرف شيّعه الملَك ، يظلّه بجناحه حتى يدخل إلى منزله ، ثم يناديه تبارك وتعالى :
أيها العبد المعظّم لحقي !.. حقَّ عليَّ إكرامك ، قد أوجبتُ لك جنتي ، وشفّعتك في عبادي .
قال الباقر (ع) : كان فيما ناجى الله عزّ وجلّ به موسى (ع) ، قال :
يا موسى !.. أكرم السائل ببذلٍ يسيرٍ أو بردٍّ جميلٍ ، إنه يأتيك من ليس بإنسٍ ولا جان ، ملائكةٌ من ملائكة الرحمن ، يبلونك فيما خوّلتك ، ويسألونك فيما نوّلتك ، فانظر كيف أنت صانعٌ يا بن عمران !..
قال الصادق (ع) : من صام لله عزّ وجلّ يوماً في شدّة الحرّ فأصابه ظمأٌ ، وكل الله به ألف ملَكٍ ، يمسحون وجهه ويبشّرونه .
قال الصادق (ع) : ليس خلق أكثر من الملائكة ، إنه لينزل كلّ ليلةٍ من السماء سبعون ألف ملَك ، فيطوفون بالبيت الحرام ليلتهم ، وكذلك في كل يوم .
قال النبي (ص) : لقي ملَكٌ رجلاً على باب دارٍ كان ربها غائباً ، فقال له الملَك :
يا عبدالله !.. ما جاء بك إلى هذه الدار ؟.. فقال : أخٌ لي أردت زيارته ، قال : ألرحمٍ ماسّةٍ بينك وبينه ؟.. أم نزعتك إليه حاجةٌ ؟.. قال :
ما بيننا رحمٌ أقرب من رحم الإسلام ، وما نزعتني إليه حاجةٌ ، ولكني زرته في الله ربّ العالمين .. قال فأبشر فإني رسول الله إليك ، وهو يقرئك السلام ، ويقول لك : إياي قصدتَ ، وما عندي أردتَ بصنعك ، فقد أو جبتُ لك الجنة ، وعافيتك من غضبي ومن النار حيث أتيته .
قال الباقر (ع) : لما قُبض رسول الله (ص) ، بات آل محمدٍ بليلةٍ أطول ليلة ظنوا أنهم لا سماءَ تظلّهم ولا أرضَ تقلّهم مخافةً ، لأنّ رسول الله (ص) وتر الأقربين والأبعدين في الله ، فبينما هم كذلك إذ أتاهم آتٍ لا يرونه ويسمعون كلامه .
فقال : السلام عليكم يا أهل البيت !.. ورحمة الله وبركاته ، في الله عزاءٌ من كلّ مصيبةٍ ، ونجاةٌ من كلّ هلكةٍ ، ودركٌ لما فات ، إن الله اختاركم وفضّلكم وطهّركم ، وجعلكم أهل بيت نبيه (ص) ، واستودعكم علمه ، وأورثكم كتابه ، وجعلكم تابوت علمه ، وعصا عزّه ، وضرب لكم مثلاً من نوره ، وعصمكم من الزلل ، وآمنكم من الفتن ، فتعزّوا بعزاء الله ، فإنّ الله لم ينزع منكم رحمته ، ولم يُدل ( أي يجعل الكرة لهم عليكم ) منكم عدوه .
فأنتم أهل الله الذين بكم تمت النعمة ، واجتمعت الفرقة ، وائتلفت الكلمة ، وأنتم أولياء الله ، من تولاكم نجا ، ومن ظلمكم يزهق ، مودتكم من الله في كتابه واجبةٌ على عباده المؤمنين ، والله على نصركم إذا يشاء قدير ، فاصبروا لعواقب الأمور ، فإنها إلى الله تصير ، فقد قبلكم الله من نبيه (ص) وديعة ، واستودعكم أولياءه المؤمنين في الأرض ، فمن أدّى أمانته آتاه الله صدقه .
فأنتم الأمانة المستودعة ، والمودة الواجبة ، ولكم الطاعة المفترضة ، وبكم تمت النعمة ، وقد قبض الله نبيه (ص) ، وقد أكمل الله به الدين ، وبيّن لكم سبيل المخرج ، فلم يترك للجاهل حجّةً ، فمن تجاهل أو جهل ، أو أنكر أو نسي أو تناسى فعلى الله حسابه ، والله من وراء حوائجكم ، فاستعينوا بالله على من ظلمكم ، واسألوا الله حوائجكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فسأله يحيى بن أبي القاسم فقال : جعلت فداك !.. ممن أتتهم التعزية ؟.. فقال : من الله عزّ وجلّ .
قال الصادق (ع) : يا أبا محمد !.. إنّ لله - عزّ ذكره - ملائكةً يُسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا ، كما تُسقط الريح الورق من الشجر في أوان سقوطه وذلك قوله عزّ وجلّ :
{ يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا } ، والله ما أراد بهذا غيركم .
قال رسول الله (ص) : إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطّت السماء ، وحقّ لها أن تئطّ ، ما فيها موضع أربع أصابعٍ ، إلا وملَكٌ واضعٌ جبهته لله ساجداً ، والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله .. لوددت أني كنت شجرة تعضد .
بيــان: أطّت السماء " قال في النهاية : الأطيط صوت الأقتاب ، وأطيط الإبل أصواتها وحنينها ، أي إنّ كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطّت .. وهذا مثَلٌ وإيذانٌ بكثرة الملائكة ، وإن لم يكن ثَمّ أطيط ، وإنما هو كلام تقريبٍ أُريد منه تقرير عظمة الله .
وقال : الصعدات : الطرق ، جمع صُعُد ، وصعد جمع صعيد ، كطريق وطرق وطرقات ، وقيل : هي جمع " صعدة " كظلمة ، وهي فناء باب الدار وممر الناس بين الأندية .
وقال الطيبي في شرح هذا الحديث : أي فخرجتم إلى الطرقات والصحارى وممر الناس ، كفعل المحزون الذي يضيق به المنزل ، فيطلب الفضاء لبثّ الشكوى ، وقال في قوله :" لوددت أني شجرة تعضد " : هو بكلام أبي ذر أشبه ، والنبي (ص) أعلم بالله من أن يتمنى عليه حالاً أوضع عما هو فيه .
وأقول : هو إظهار الخوف منه تعالى ، وهو لا ينافي القرب منه سبحانه ، بل يؤكده { إنما يخشى الله من عباده العلماء } .
قال النبي (ص) : نقّوا أفواهكم بالخلال ، فإنها مسكن الملَكين الحافظين الكاتبين ، وإنّ مدادهما الريق ، وقلمهما اللسان ، وليس شيءٌ أشدّ عليهما من فضل الطعام في الفم
*
بيــان: واعلم أن الله ذكر في القرآن أصنافهم وأوصافهم وأما الأصناف :
فأحدها : حملة العرش { ويحمل عرش ربك } .
وثانيها : الحافون حول العرش { وترى الملائكة حافين } .
وثالثها : أكابر الملائكة ، فمنهم جبرائيل وميكائيل لقوله { جبرئيل وميكال } ، ثم إنه وصف جبرئيل بأمور :
الأول : أنه صاحب الوحي إلى الأنبياء { نزل به الروح الأمين }. والثاني : أنه قدّمه على ميكائيل .
والثالث : جعله ثاني نفسه { فإن الله هو موليه وجبرئيل } . الرابع : سماه روح القدس .
الخامس : ينصر أولياءه ، ويقهر أعداءه ، مع آلافٍ من الملائكة مسوّمين .
السادس : أنه مدحه بصفات ستة { إنه لقول رسول كريم } - إلى قوله - { أمين } .
ومنهم إسرافيل صاحب الصور ، وعزرائيل قابض الأرواح ، وله أعوانٌ عليه .
ورابعها : ملائكة الجنة { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } . وخامسها : ملائكة النار { عليها تسعة عشر } ، وقوله : { وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة } ، ورئيسهم مالك { يا مالك ليقض علينا ربك } ، وأسماء جملتهم الزبانية { سندع الزبانية } .
وسادسها : الموكلون ببني آدم ، لقوله تعالى : { عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } ، وقوله تعالى : { له معقبات } ، وقوله { ويرسل عليكم حفظة } .
وثامنها : الموكلون بأحوال هذا العالم { والصافات صفا } ، وقوله { والمدبرات أمرا } .
وعن ابن عباس قال : إنّ لله ملائكةً - سوى الحفظة - يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصاب أحدكم عجزة بأرض فلاة فليناد : أعينوا عباد الله رحمكم الله .
وأما أوصاف الملائكة فمن وجوه :
أحدها : أنهم رسل الله { جاعل الملائكة رسلا } ، وقوله : { الله يصطفي من الملائكة رسلا } .
وثانيها : قربهم من الله بالشرف ، وهو المراد من قوله سبحانه : { ومن عنده لا يستكبرون } ، وقوله : { بل عباد مكرمون } .
وثالثها : وصف طاعاتهم ، وذلك من وجوه :
الأول : قوله تعالى حكاية عنهم : { ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } ، وقولهم { وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون } ، والله تعالى ما كذبهم في ذلك .
الثاني : مبادرتهم إلى امتثال أمر الله ، وهو قوله : { فسجد الملائكة كلهم أجمعون } .
الثالث : أنهم لا يفعلون إلا بوحيه وأمره وهو قوله تعالى : { لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون } .
ورابعها : وصف قدرتهم وذلك بوجوه :
الأول : أنّ حملة العرش - وهم ثمانية - يحملون العرش والكرسي الذي هو أصغر من العرش ، أعظم من حملة السماوات السبع ، لقوله تعالى : { وسع كرسيه السماوات والأرض } ..
والثاني : أنّ علو العرش شيءٌ لا يحيط به الوهم ، ويدلّ عليه قوله تعالى : {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} ، ثم إنهم لشدة قدرتهم ينزلون منه في لحظةٍ واحدةٍ.
الثالث : قوله تعالى : { ونفخ في الصور } ، فصاحب الصور بلغ في القوة إلى حيث أنّ بنفخة واحدة منه ، يصعق من في السماوات والأرض ، وبالثانية منه يعودون أحياءً ..
الرابع : أنّ جبرئيل بلغ من قوته أن قلع جبال آل لوط ، وبلادهم دفعةً واحدةً .
وخامسها : وصف خوفهم ويدل عليه بوجوه :
الأول : أنهم مع كثرة عبادتهم ، وعدم إقدامهم على الزلاّت يكونون خائفين وجلين ، حتى كأن عباداتهم معاصي ، قال تعالى : { يخافون ربهم من فوقهم } ، وقال : { وهم من خشيته مشفقون } ..
الثاني : قوله تعالى : { حتى إذا فزع عن قلوبهم } ، روي في التفسير : أنّ الله تعالى إذا تكلّم بالوحي ، سمعه أهل السماوات مثل صوت السلسلة على الصفوان ، ففزعوا ، فإذا انقضى الوحي ، قال بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم ؟.. قالوا : الحق وهو العلي الكبير ..
الثالث : روى البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : بينما رسول الله (ص) بناحية ومعه جبرئيل (ع) ، إذا انشقّ أفق السماء ، فأقبل جبرئيل يتضاءل ويدخل بعضه في بعض ، إلى آخر ما سيأتي برواية السيوطي في الباب الآتي .
وكان من دعاء السجاد (ع) في الصلاة على حملة العرش وكل ملَكٍ مقرّب :
اللهم !.. وحملة عرشك الذين لا يفترون من تسبيحك ، ولا يسأمون من تقديسك ، ولا يستحسرون عن عبادتك ، ولا يؤثرون التقصير على الجدّ في أمرك ، ولا يغفلون عن الوله إليك ، وإسرافيل صاحب الصور الشاخص ، الذي ينتظر منك الإذن ، وحلول الأمر ، فينبّه بالنفخة صرعى رهائن القبور ، وميكائيل ذو الجاه عندك ، والمكان الرفيع من طاعتك ، وجبريل الأمين على وحيك ، المُطاع في أهل سماواتك ، المكين لديك ، المُقرّب عندك ، والروح الذي هو على ملائكة الحُجب ، والروح الذي هو من أمرك .
اللهم !.. فصلِّ عليهم وعلى الملائكة الذين من دونهم ، من سكّان سماواتك ، وأهل الأمانة على رسالاتك ، والذين لا يدخلهم سأمةٌ من دؤوب ، ولا إعياءٌ من لغوب ولا فتورٌ ، ولا تشغلهم عن تسبيحك الشهوات ، ولا يقطعهم عن تعظيمك سهو الغفلات ، الخشّع الأبصار ، فلا يرومون النظر إليك ، النواكس الأعناق ، الذين قد طالت رغبتهم فيما لديك ، المستهترون بذكر آلائك ، والمتواضعون دون عظمتك وجلال كبريائك ، والذين يقولون إذا نظروا إلى جهنم تزفر على أهل معصيتك : سبحانك !.. ما عبدناك حقّ عبادتك .
فصلّ عليهم وعلى الروحانيين من ملائكتك ، وأهل الزلفة عندك ، وحملة الغيب إلى رسلك ، والمؤتمنين على وحيك ، وقبائل الملائكة الذين اختصصتهم لنفسك ، وأغنيتهم عن الطعام والشراب بتقديسك ، وأسكنتهم بطون أطباق سماواتك .... الخبر .
المصدر: الصحيفة السجادية
قال الصادق (ع) : إنّ الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعواناً من الملائكة يقبضون الأرواح ، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوانٌ من الإنس ، يبعثهم في حوائجه ، فتتوفاهم الملائكة ، ويتوفاهم ملك الموت عن الملائكة ، مع ما يقبض هو ، ويتوفاهم الله عزّ وجلّ عن ملك الموت .
عن أصبغ بن نباتة ، قال : إنّ سلمان - رضي الله عنه - قال لي : اذهب بي إلى المقبرة ، فإنّ رسول الله (ص) قال لي :
يا سلمان !.. سيكلّمك ميّتٌ إذا دنت وفاتك .. فلما ذهبتُ به إليها ونادى الموتى ، أجابه واحدٌ منهم ، فسأله سلمان عما رأى من الموت وما بعده ، فأجابه بقصصٍ طويلةٍ ، وأهوالٍ جليلةٍ وردتْ عليه - إلى أن قال - :
لما ودّعني أهلي وأرادوا الانصراف من قبري ، أخذتُ في الندم فقلت :
يا ليتني كنت من الراجعين !.. فأجابني مجيبٌ من جانب القبر : كلا !.. إنها كلمةٌ هو قائلها ومن ورائهم برزخٌ إلى يوم يبعثون .
فقلت له : من أنت ؟.. قال : أنا منبّهٌ ، أنا ملَكٌ وكّلني الله عزّ وجلّ بجميع خلقه ، لأنبههم بعد مماتهم ، ليكتبوا أعمالهم على أنفسهم ، بين يدي الله عزّ وجلّ ، ثم إنه جذبني وأجلسني وقال لي : اكتب عملك !.. فقلت : إني لا أُحصيه ، فقال لي : أما سمعت قول ربك :
{ أحصاه الله ونسوه } ، ثم قال لي : اكتب وأنا أُملي عليك ، فقلت :
أين البياض ؟.. فجذب جانباً من كفني ، فإذا هو ورقٌ ، فقال :
هذه صحيفتك ، فقلت : من أين القلم ؟.. فقال : سبابتك ، قلت :
من أين المداد ؟.. قال : ريقك ، ثم أملى عليّ ما فعلته في دار الدنيا ، فلم يبق من أعمالي صغيرة ولا كبيرة إلا أملاها ، كما قال تعالى :
{ ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا } .
ثم إنه أخذ الكتاب وختمه بخاتم وطوّقه في عنقي ، فخيّل لي أنّ جبال الدنيا جميعاً قد طوّقوها في عنقي ، فقلت له : يا منبّه !.. ولِمَ تفعل بي كذا ؟.. قال : ألم تسمع قول ربك :
{ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } فهذا تُخاطب به يوم القيامة ، ويُؤتى بك وكتابك بين عينيك منشوراً ، تشهد فيه على نفسك .. ثم انصرف عني
zaim72- Admin
- عدد المساهمات : 74
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 30/11/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت يوليو 06, 2013 1:04 pm من طرف سامح صلاح
» الفيفا: شغب بورسعيد "يوم أسود" لكرة القدم
الخميس فبراير 02, 2012 10:52 pm من طرف سامح صلاح
» اطوار خلق الانســــــــــن ومواد جسـده
الأحد مايو 29, 2011 1:58 am من طرف سامح صلاح
» دعــــاء اسمــــاء اللـــــــه الحسنى
الأحد مايو 29, 2011 1:56 am من طرف سامح صلاح
» المناهل الحسان في دروس رمضان رائع جدا
السبت أكتوبر 23, 2010 9:35 pm من طرف zaim72
» قائمــــــة العلمـــــاء والدعـــــاة
السبت أكتوبر 23, 2010 9:26 pm من طرف zaim72
» محاضرات دينيه مشوقة للتحميل
السبت أكتوبر 23, 2010 9:17 pm من طرف zaim72
» إحدى عشر وسيلة للتأثير على القلوب
السبت أكتوبر 23, 2010 9:12 pm من طرف zaim72
» الوصف الكامل لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
السبت أكتوبر 23, 2010 9:10 pm من طرف zaim72